آخر الأحداث والمستجدات
الحاجب: السيد محند العنصر يدعو الوكالات الحضرية إلى وضع مقاربة متجددة لتدبير الشأن الترابي
لقد رأى البعض بأن إحداث الوكالة الحضرية لمكناس كمؤسسة عمومية خاضعة لوصاية وزارة الداخلية أدى إلى احتكار مراقبة وتأطير إنتاج المجال الحضري من قبلها على حساب الولاية والعمالات والجماعات الحضرية، في حين يرى البعض الآخر أن سياق إحداث الوكالات الحضرية يأتي من كون تهيئة التراب عموما لا يمكن فهمها إلا على المستوى الإقليمي الذي يشكل الإطار المفصل والدعامة المجالية الشمولية لكل تدخل عمومي.
إن استقراء واقع المجال الحضري بمكناس يبين بما لا يدع مجالا للشك أن البنيات الإدارية التي أسندت إليها مهمة التعمير منذ الفترة الاستعمارية قد فشلت فشلا دريعا تاركة من ورائها إرثا تعميريا ضخما أفرز مجموعة من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية غير المنسجمة مع التكوين الحضري والثقافي المغربي.هذا التدهور الحضري الذي يظهر من خلال النمو الديموغرافي والتركيز الاقتصادي المفرط والناتج عن سياسة عقارية غير مضبوطة ووثائق تعمير غير متناسقة وتدبير حضري غير فعال، الأمر الذي أدى إلى انعدام التجهيزات البنيوية التحتية والفوقية وخلق أزمة اجتماعية خانقة.
كل هذه الأوضاع جعلت السلطات المسؤولة تفكر في خلق الوكالة الحضرية لمكناس من أجل تأطير قطاع التعمير وتحسين الإطار المبني ورد الاعتبار للأنسجة القديمة، حيث بفضلها عرف التجمع العمراني لمكناس آليات التخطيط التقني التي تعتمد على إحصائيات حديثة ودراسات متعددة التخصصات ذات قاعدة قانونية .
إن نجاح تجربة الوكالة الحضرية لمكناس حسب إطلاعي على دراسات بعض الباحثين، جعلته يؤكد على أن الوكالات الحضرية قادرة على معالجة المشاكل الناجمة عن حركة التمدن، وبهذه القناعة بادرت السلطات العمومية إلى إحداث – على غرار وكالة مكناس– وكالات حضرية غطت كبريات مدن المملكة، كفاس، الدار البيضاء، الرباط-سلا وأكادير ومراكش كمرحلة أولى تلتها مدن بني ملال وطنجة ووجدة والحسيمة وتاونات وتطوان والقنيطرة – سيدي قاسم و الجديدة – آسفي والعيون وسطات ثم تلتها بعد ذلك وكالات الرشيدية ووزززات-زاكورة والحسيمة والناظور وكلميم.
إن أهمية الوكالات الحضرية تكمن في كونها ميدان التقاء مجموعة من المصالح المتضاربة والمتشعبة فمن جهة هناك الملاكين العقاريين والذين يهدفون تحقيق أكبر ربح ممكن وهناك الطبقات الفقيرة التي تبحث عن إطار عيش ملائم ومن جهة أخرى هناك السلطات العمومية التي تهدف إلى ضمان توازن معين من أجل تحقيق الاستقرار الذي يعد ضروريا لكل تنمية. ومن هنا يظهر أن موقع الوكالة الحضرية يعد حساسا بالنسبة للميكانيزمات المتحكمة في التعمير وبالتالي فهي بنية لا يمكن التقليل من أهميتها خاصة في ميدان التخطيط العمراني للفضاء الجغرافي الذي تغطيه.
وفي هذا الإطار قال وزير التعمير وإعداد التراب الوطني السيد محند العنصر، اليوم الجمعة 28 مارس 2014م بالحاجب، إن الوكالات الحضرية مطالبة بوضع مقاربة متجددة لتدبير الشأن الترابي، وذلك من أجل مواجهة التحديات المجالية المستقبلية. وأكد السيد العنصر، خلال ترؤسه اجتماع الدورة الثانية عشر للمجلس الإداري للوكالة الحضرية لمكناس، أنه يتعين على هذه الوكالات نهج سياسة تقوم على ديمومة مصاحبة وتأطير التوسع العمراني لاسيما في المناطق التي توجد في ضاحية المدن التي أصبحت تعرف ضغطا عمرانيا نوعيا، ووضع رؤى ومقاربات تعمل على ضمان استدامة التنمية العمرانية للنشاط الفلاحي وترشيد استهلاك الأراضي الزراعية وحسن استغلال الموارد الطبيعية. وحث الوكالات الحضرية على تكثيف عمليات المراقبة في ميدان التعمير، وزجر المخالفات كآلية أثبتت نجاعتها في الحد من تفشي البناء غير القانوني والعشوائي، ومتابعة ترسيخ المنهجية التشاركية والتشاورية على أساس الشراكة مع مختلف الفاعلين المحليين والجهويين، ومواصلة الانخراط في ورش التحديث والتخليق الإداري عبر تطوير منظومة الجودة وتفعيل المراقبة والافتحاص الداخلي. وأضاف الوزير أن تعزيز تموقع الوكالات الحضرية أصبح "أمرا لا مناص منه" باعتبارها شريكا متميزا للجماعات الترابية في إطار تنفيذ وإنجاح المشاريع الجهوية والمحلية ومواكبة النمو الاقتصادي لمجالات تدخلها، مشيرا إلى أن الوكالات الحضرية تضطلع، كمؤسسات عمومية، بأدوار مفصلية واستراتيجية في تسطير وتنفيذ سياسة التعمير والتنمية المجالية المبنيين على مقاربة أفقية تلامس مجمل أبعاد التنمية. وأبرز السيد العنصر، من جهة أخرى، أن الأهمية القصوى، التي توليها الدولة للمجالس الإدارية، لها أبعاد استراتيجية لكون هذه المجالس تعتبر أعلى مؤسسة لاتخاذ القرار في شأن تدبير حاضر ومستقبل الوكالات الحضرية، كما أن المجالس الإدارية، يضيف الوزير، هي فرصة لمناقشة القضايا الجوهرية التي تخص قطاع التعمير باعتباره قطاعا حيويا في معادلات التوازنات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. من جهته، شدد عامل إقليم الحاجب السيد عبد اللطيف باشيخ، على الدور الهام الذي تضطلع به الوكالة الحضرية في التأطير الاستراتيجي، والمواكبة التقنية للعمليات التي تروم إعطاء دفعة قوية للمشاريع التنموية، وتقديم المساعدة الفنية للجماعات الترابية فيما يتعلق بالتهيئة والتعمير الذي يعد المدخل الأساسي لكل تنمية شمولية ومستدامة. وأجمعت باقي التدخلات خلال هذا الاجتماع الذي حضره على الخصوص والي جهة مكناس تافيلالت السيد أحمد الموساوي وبرلمانيون ومنتخبون محليون على ضرورة تسريع وتيرة إعداد وثائق التعمير لفائدة المناطق التابعة للنفوذ الترابي للوكالة الحضرية. وتضمن جدول أعمال هذا الاجتماع عرض أنشطة الوكالة برسم سنة 2013، وبرنامج عملها لسنة 2014 من قبل مديرها السيد عبد العالي القور? الذي أكد أن الوكالة حرصت، خلال سنة 2013، على الإسراع بإعداد وثائق التعمير وإجراءات الفحص والمصادقة عليها، مشيرا إلى أنه تم في مجال التخطيط الحضري المصادقة على سبع وثائق للتعمير وإعطاء الانطلاقة لمختلف الدراسات المبرمجة. كما تميزت السنة الماضية، يضيف السيد القور، بتسجيل تقدم في دراسة المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بمكناس وذلك من خلال إنهاء المرحلة الأولى المتعلقة بالتشخيص والبدء في المرحلة الثانية، وذلك قصد الوقوف عند المعيقات والحاجيات المستقبلية للمدينة. وتميز هذا الاجتماع أيضا بالمصادقة على محضر الدورة الحادية عشر للمجلس الإداري للوكالة برسم 2013 وعرض التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة على التقريرين المالي والأدبي برسم 2013 وعلى برنامج عمل الوكالة لسنة 2014، فضلا عن الموافقة المبدئية على مشروع ميزانية 2014 التي تقدر مداخيلها المرتقبة ب45 مليون و391 ألف و723 درهم. كما تم المصادقة على مجموعة من التوصيات تهم معالجة قضايا الحكامة بالوكالة، منها النظام الجديد المحدد لقواعد وطريقة إبرام الصفقات العمومية الخاص بالوكالة، وتعزيز حظيرة السيارات للوكالة وتسوية وضعية اتفاقيات شراكة مبرمة مع عدة جماعات ترابية.
الكاتب : | هيئة التحرير |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2014-03-28 19:01:54 |